الأحد، 26 ديسمبر 2010

التمرد في هدوء سيناريو اليابسة5



التمرد في هدوء سيناريو اليابسة
قراءة في ديوان عاطف خيري

بقلم هوارى حمدان هجو

eng.hawarih@gmail.com

يتواصل الحديث فى هذا الديوان الشفاف الملى بالاحساس والذى يصورنا ويبرهن ويجادل على امل عودة الماضى البعيد ، وبعد كل تلك القصائد التى سردناها والتى وجدناها قوية كالقنبلة الموقوته ياتى بنا خيرى الى قصائد صغيرة جمعها كلها فى كلمة مسادير الا انه قسمها الى احرف ابجدية ابتداءاً من (أ) والى (هـ) ، ولكن هذه المسادير كانت رائعة جميلة  وشيقة فى سردها وان كان الاستخدام المتوالى للعبارات لا يخلو من الغرابة التى عودنا عليها خيرى فتعالوا نقراءها جميعا فى هذه الحلقة
(أ)
خضراء
ويانعة
وحزنك سبيب
            كأنك هلال البنات الخصيب
أحبك إذا ما ترجي الحليب
وتسقي كأنك ولدتي الحبيب
عيونك سماء
ورمشك قريب
يفج فى الغمام
ويخزلوا النحيب
الجميل والجيد فى شعر عاطف خيرى انه موجه بكل اشكاله الى الوطن والذى يحسسنها فى كثيرا من العبارات بانه الحبيبة التى فقدها ويامل فى رجوعها فهو هنا يبتدر هذه القصيدة بوصف السودان بانه كحبيبة مجسمة بخضرتها وخصوبتها (خضراء ويانعة) لكنه لم يزل يتبعها بصفة الحزن المتلازمة فى قصائده والسبيب يكون طويلا ويكون اسود ويكون قويا ولهذا وصف حالة الحزن بهذه الكلمة لانه ممتلى بعدة مفارقات ، ورغم هذا يصفها بانها الدولة الحصبة الوحيدة بين الدول العربية _(هلال البنات الخصيب) ..ويؤكد لها الحب مرة اخرى اذا هى اعطت افضل مقومات التكوين ( الحليب) ولا ياخذ الناقد هنا المسالة عاطفية ويعتقد بان شاعرنا يغازل متباهى بصدر محبوبته ، ولكنه هنا يقول لنا بانه يذوب فى بلده حينما تعطى وتسقى ابناءها ولا تحرمهم من خيراتها ، عيونك سماء ورمشك قريب يدل على اتساع الاراضى التى يجب ان تنتج وتخرج الخير من باطنها ، وهذه الاراضى تحاول ان تنتج وتحاول ان تعطى رغم كل المعوقات والتباكى الذي يخزل.
بلاد أنجتني   وقالت غريب
بلاد أنجبتني
            عطشتَ             وسقتني
رحتَ         ولقتني
فيكف علقتني
بذاك الصليب
وهذه الدولة التى تشبة الفتاة الخصبة المعطاء  قد انجبتنى ومن ثم تنكرت لى ولم يكن التنكر الا لتغير المنهج الذى يعتيرها ، ثم ياتى عاطف الى خفشات سريعة بقوله فى ازمان مضت عندما اصابنى العطش قد سقتنى وعندما تهت بحثت عنى فوجدتنى ، ولكن  يتساءل الآن لماذا قد اوقفت افكاره وجلعته خارج الملة التى تحتويها ، فهى كما قلت لكم مسدار صغير وسريع وفى اعتقادى انه ينفع اغنية رائعة وتناسب الاستاذ الفنان وردى وهذا مجرد اقتراح ليس الا.
(ب)
قبر الحبيب ضيّق
كتمه وضُلمه
لكنو مات بحلم
تبقى القبور أوسع
أوسع شبه وطنو
وأنا شفتو ساعة مات
ماسك طرف كفنو
طرّز عليه منديل
منديل لمن دفنو
هنا الحبيب شخص حقيقى كان مناضل او قل كان رفيق كفاح ثم انتهت حياته بالموت ولا ندرى ما كان قبل الموت هل هو مرض او موت طبيعى او موت مقصود ، وسار معه الشاعر الى ان شيع جنازته وراى بام عينه ما يسمى فى السودان للقبر بود الاحد ( اللحد) فقال انه ضيق ولم يجد تشبيه فى تلك الازمة لضيق قبر الحبيب الا بمقارنته بالوطن الذى ضاق بوجود ابناءه على ظهره وتركوه ،كما انه كان لا يستطيع الفرد فيه ان يعبر ولا تتضح فيه الرؤية ، ولكن محبوبه او رفيقة وهو بعد الموت يقول لنا بانه يحلم بيوم تكون فيه القبور فى مساحة الوطن ولا يكون الوطن فى مساحة القبر ، وهذا الحبيب لم تنتهى الاحداث بموته بل انه يواصل فى ارسال الهدايا فى شكل مناديل للحبيبه من طرف كفنه..والمسالة فيها مبالغة وتعمد لتوغل فى الخيال
كأنو كان بيسمع
ناضمتو وين النيل
قال لي مشي وبرجع
لكنو كان ضيق
كتمه وضلمه
سألتو
قول يا حبيب
هل في الممات جمَّه
دنقّر لمحتَ الشيب
فوق حاجبو إتلمَّ
ورغم انتهاء حياته لكنه كان يحس بانه يتفاعل معه بالاحساس فساله مرة اخرى عن النيل ، والنيل يعنى الحياه فى اللغة بعكس الصحراء ، فرد بان الحياه كالنيل تعيد نفسها ، ولكن الاجابات كانت مقتضبه لان القبر او الوطن الشبيه بالقبر كان مظلم غير واضح الرؤية ولا يجوز فيه التعبير عما يجوش بالخواطر ، ثم استطرد فى السؤال مرة اخرى هل يمكن ان يجد الانسان راحته بالموت حسب تجربتك (الموتيه) ، لم يرد بل اشاح بوجهه وفى تلك الاثناء لمح النور يتكون على حاجبيه .
قال الحياة أحلي
والموت
وجع كاتمو ، بس قلتو لي الله
            ويا الله شفتك وين!
قبل النظر يبلي
وقبال ما ابقي جنين
وعضامي تتَّبل
وريني شفتك وين
قول ليَّ عليك الله
لكنه يقول بان الحياة افضل بكثير من الموت ، وهذا الحديث لا يصح الا ان يكون عاطف رجع مرة اخرى الى قضية الموت كغيبوبة والحياة كحرية واستخدم هذه المصطلحات  ليوغل فى وهمنا او التلاعب بالكلمات ،من اجل الخلط ما بين الحرية والغيبوبة ،ثم ياتى الى انه لم يشتكى ظروف حالته الا لخالقه (الشكيه لغير الله مزله)
(ج)
 باب الروح متاكا
انسربي .
صاحيات الحدائق          أرعي
                        قُبال منجنيق الخوف
                        يعاود ضربي
                        قبل الطير وصعلوك النحل مُنكبي
                        هشِّي العافيه
                        من تمري المخمّر وعبَّى
وزي ما النيل طبق
                        مركوبو
مارق للبحر مدبي
اى يريد ان يقول لنا فى هذه القصيدة بانه لم يفتح الباب على مصرعيه من اجل دخول الحبيبه بل جعله لها (متاكا) اى مفتوح بدرجة معينة تسمح لها بالتسرب كما تتسرب الماء الى المحصول حتى لا تاذيه ، وانه اوجد لها كل المعطيات من اجل الاشباع والترفيه من اجل ان تحقق اهدافها ،ويقول لها اسرعى بتوطيد مكانك فى دواخلى من قبل ان يعاودنى الخوف باداواته المعهودة ، وقبل ان يلتقط الطير كل ذرات وجدى لك  وقبل ان يرشف النحل رحيقك فى دواخلى ،وهشى اى ابعدى العافية من التمر المخمر (بمعنى ان التمر اذا ابعدت عافيته  هو مخمر يتحول الى خمرة) اى بمعنى اسكرى بفكرى ، وكوني كما يفعل النيل حينما يشبه فى حركته شكل رجل يريد ان ينسحب من اجتماع او شلة حديث فهو ياخذ نعلية وينسحب بهدوء دون ان يشعرهم.
أدخلي في الجسد محمومه
بالمرض اليحيّر طبي
وأفتحي باب ضريحك
يدخل الدرويش مغبي
وأدبغى جلدي
بي قطران مهيّج لُبّي
زى أتَر النعال فوق الرمال متربي
            كان بهل الجمر
            منقد سماى شن ذنبي
ما دام الرماد
وسط الشرار متخبي
ثم يقول لها ادخلى وانت فى كامل غيبوبتك الى جسدى وتوزعى فيه كما ينتشر المرض العضال الذى يصعب على الاطباء تشخيصه ، ثم ينتقل المرض من تخصص الاطباء الى تخصص الشيوخ (الدرويش) فهو شبيه بحالة الجنون لانه اورد قول ادبغي جلدى بى قطران يهيج لبي اي بمعنى استخدم ذلك الشيخ سياطة من اجل اثارة علقى وتوجيهه الى اتاجهه الصحيح ، وقال ان شدة السياط على جسده اصبحت تماما مثل  اثار النعل حينما يمشى به صاحبه على رمل ، ثم ياتى الى توضيح الاسباب التى ادت الى تدهور حالته ، فيقول ماذا ذنبي ان امطرت السماء على احداث جسام كالجمر وكل هذه الاحداث ادت الى جنونه ، ويقول لها ما دام ان الشرر لم يزل مختبي تحت الرماد فان ذلك يؤدى الى اشتعال الاحداث مرة اخرى فى داخلى ،
لابد من فضيحة النار
تولع جنبي
تهدي الليل
يهز ضنبو المشاكس
            كلبي.
اى ان الاحداث سوف تشتعل مرة اخرى مما تؤدى الى تهيج حالة الجنون التى تعترينى مرة اخرى ، وهذه القصيدة جميلة جدا ومحتواها اخاذ وتنمى عن ملكة خيرى فى صياغة الاحداث بعمق وتفكيرى منطقى فله التحية منى مرة اخرى.

(د)
خليني أقراك مره صاح
عكس احتشادك في الحضور
هل غاب معاك وعي الطريق
أم بيكي زكاني الزمن!
ماشيك وعارفك يا حريق
في يوم غماماتك بجن
فرهد غايبك أغنيات
ظلت أراضي اللقيا بور
من الاغانى التى رددها مصطفي سيد والظاهر عندى لجميع الاغنيات التى رددها مصطفى سيد يقول انها اغنيات ذات دلالات قوية واغنيات تجد فى ايمان بالوطن وايمان بالمواطن وانحياز الى المشاريع التنموية وغيرها ، حتى انى اذكر فى يوم من الايام اهدانى صديق شريط كاسيت لاغنيات تداولها مطربون رحلوا عن دنيانا وغناها مصطفى مرة اخرى فاثارتنى طريقة الاداء ولكن الحق يقال انه قد اثارتنى اغنية واحدة كانت تؤديها الراحلة الرائعة الفلاتيه وهى اغنية (عنى مالم صدوا تزوارم) فوجدت ان الاداء رائع جدا فالاختيار عند مصطفى له اسس واحداثيات ، فيا ترى لماذا اختار هذا النص لعاطف خيرى ؟
يرجع خيرى مرة اخرى مخاطبا البلد الحبيبه بقوله انى اتفهم او ادرس سلوك بعكس ما اراه الآن عليك وما اجدك عليه فى المحافل ، ويجد مفارقات عجيبة تعترية فيقول لها مستنكرا هل نتيجة لغيابها هذا انتهى وعى شعبها (وعي الطريق ) ام ان الزمن قد تغير . ثم يقول للحرية اننى قادم اليك يا حرية ولكن اعلم بان جمرك سوف يحرقنى ، وعندما تصيبينى غيبوبتك فانى اكاد ان اصاب بالجنون ، ولم يكن غياب الحرية الا نتاج لولادة القصائد والاغنيات ، ولم تثمر الاراضى التى سوف نلتقى فيها بل ظلت جدبة.
            وبلقاكي يا كل الطيور
            مسجونه
            والحريه سور
            وبلقاكي بيناتنا الثبات
            وبيناتنا شمس البكرة
            في لحظة مخاض
            طول الوجع رشّح
            مواطن العافيه فيك
            خلاني أرجع وأبتديك
            وأقراكي من كل الجهات
وسوف اجدكم يا ابناء وطنى المهاجرين جميعكم مسجونين وتحوطكم الحريه من كل الجوانب وبلقاك يا وطن وبيناتنا الوعد المقطوع وبينا الخلاص فى لحظة والدة الحرية ، ولكنه يقول للوطن مرة اخرى ان ما اعتراك من اوجاع شبيه بالسرطان فهى قادمة لترشح مناطق العافية فيك وهذا الذى جعلنى ادرس كل الجوانب وكل الطرق للخلاص.
وما بين أقبالك ومشتهيك
كان حلمك الأول ترف
وكنتي الصبيه الغايبه في زحمة حُجا
وكلمة شرف
وكنتي الزوايا الميته
في متحف خزف
وكنتي الوصايا العشره ، واللون الشحيح
وتوزع امله ما بين شوقه واللقاء  وكان هذا كالحلم الاول الذى كانت تنوى ان تعيش تفاصيلة وكان كله بهجة وسرور ، فوجدها  تشبه الصبية او الطفلة التى تغيب فى امسية الحجاوى التى تلقيها كبيرة البيت بحكمة تعلم منها الاطفال بحنكة شديدة ، وكانت هى كذلك غائبة فى وقت كلمة العهد والشرف ، وكانت الزوايا الميتة فى متحف الخزف وهى اقوى الزوايا التى يرتكز عليها المتحف وكانت كالوصايا العشرة المعروفه ، وكان هى الشى النادر فى حياتنا (اللون الشحيح).
سميّت مساحاتك حكر
كل البيحلمو بالشمس
هجّرتَ من واقعك عبث
سكنّتَ فيك ضد السكون
كل اللي كان ممكن يكون
طارت
ضفيرتك ليك غُنا
                        جدلة صبر
                        وطولة نفس
وبعد السرد الطويل لوصفها يقول لها بانه قد سمى اراضيها اراضى الحرية ثم تركت واقعك عابثا ولاهيا ، ورضيت بتواجدى فيك ولكن بشرط ان يكون ضد الخمول ومعاكس للعاصفة ، ولكن ماذا حدث رغم هذه الاشياء او ماهى النتائج التى استخلصها بقوله كل الكان ممكن يكون ، اى تحول ليلك الطويل الحالك الى اغنيات تزرع الصبر وطولة النفس والانتظار فى اعماق القادمين من اجل الحرية.
وما بين أقابلك وجيت عليك
كان عندي ليك
بس نحن
            والجرح الثري
وخيبة أمل أم الشهيد
في الكلمة والوجه الجديد
وكان احتقان نبض الزمن
نومة طفل
فوق الدَّمن
فى الاول قال ما بين اقابلك ومشتهيك وهنا قال ما بين اقابلك وجيت عليك اى انه وصل وعبر مرحلة الشهوه الى الحضور او الوجود والفعل والحدث الحقيقي وما كان يملك ان يعطي هذه الدوله الا روحه وارواح اصحابه (بس نحن)  والالم العميق الذى يشد الى الحريه ، وظنون تراود اوجه امهات الشهداء فى حنيه الكلمة بقولهن نسال الله ان يقبلهم ، ووجههم الواجمه من عز الفقد عليه ، ولم يكن وقوف دقات ايقاع الزمن الا كما تكون غفوة الطفل الصغير على لعبة  وهكذا كان حال الفراق بالقياس الزمنى بين الحرية والغياب فى مصطلحات خيري.
يا صاحيه بالحاصل علي
يا نايمه
عن فقري البليد
سميت منافيك الوطن
صارت مناحتِك نشيد
ومن ثم يختتم خيري مسداره مخاطبا الوطن الحبيبه بقوله يا ايتها الواعيه بمجريات ما يعترينى ويا مغيبة عن الفقر الذى يواصل انهاك قواى ، لم تكن منافيك الا وطن اخر لنا ولم تكن مناحاتك علينا الا نشيد يسلينا فى وطننا الآخر.
(ه)

نتقابل

حقيقه بقولها ما بحلم
غصباً عن عيون الهم
وعن كل الضباب الجايي
والمبهم
وعن زمني الصِبح جاسوس
يهّرب للحزن خبري حنتقابل
وأشيلك في العمر وأجري
أحبك ينقطع نفسي
وأضمِك نتفرق واحد
نتقسّم على العاشقين
ونتقابل بدون ندرى
يؤكد عاطف خيري فى هذه القصيدة بانه على ثقة تامة فى مقابلة المحبوب ولم يكن ذلك حلم وسوف يكون هذا اللقاء على رغم ما يواجهه من مصائب وعناد للزمن الذى اصبح لا ياتى الا بالاحزان ، ومن بعد اللقاء سوف احملك فى دواخلى ونسافر معا ونتحد فى جسد واحد لنتقابل بدون وضع حسابات للقاء .

القاك والاّ تلقيني
لا دايرك معايا عروس
ولا بيك ينجبر ديني
ولا شايلك معاى واجهه
حنتقابل وترسم
فى حشا الايام تصاويرنا
نضيع فى زحمة الفرقة
تحس بالالفة ناس غيرنا
مع ضوء الشمس تشرق
ملامحنا وتعابيرنا
يقول لها لم اقصد بلقاءنا الزواج منك ولا اريد ان تكملى نقص دينى الذى يكمل بالزواج ولا اريد ان احملك فى داخلى كصورة فقط ، لكن لابد ان يكون للقاء تاصيل وتصاوير تنقش فى اعماقنا وعندما نضيع فى الغربة تستشعر الالفة شخصيات اخرى غيرنا مع بزوغ شمس الحرية تظهر ابجديتنا ودستورنا وما يشكل هويتنا.
صحى الأيام مشت
لكن
نحن الليله موجودين
لا بنتعب ولا واقفين
ولا كملت مشاويرنا
.........
.........
تعالي
ثم يقول لها نعم ان الايام وعجلة الزمن قد دارت بسرعة ولم نحقق شى فى الخلاص ولكن نحن ما زلنا واقفين ومصرين على تنفيذ مشروعنا لم نكل ولم تنتهى مشاويرنا التى رسمناها من اجل التغيير

تعالي نأدب الأيام
تعالى نلجم الوحشه
عشان خاطر عيون طفلين
فى أعماقنا ما كبروا
وكبرت فيهم الدهشه
تعالى مفاصل اللقيا
بكت مشتاقة للرعشه
ثم يقول لها تعالى نعلم الايام ان تنقاد لنا وتحترمنا  وتعالى نوقف الفراق من اجل الجيل القادم من الاطفال الذين لم ياتوا بعد لكنهم موجودين باعماقنا ولم يكبروا لكنهم كبرت معهم الدهشة ، ثم يقول لها ان اماكن الربط بينى وبينك تثار وترتجف عندما تقابلك فهى الآن قد حنت اليك وهى فى شوق اليك.

تعالى حسب مواقيتك
عقارب الساعه مشدوهه
تفتش عن مواعيدك
تعالى خلاصنا فى ايدك
وارجو ان تفى بعهدك الذى بينى وبينك كما تنتظره شوكات الساعة فى قلق مضطرب وتدور تبحث عن زمن اللقيا ، تعالى يا بلد يا حرية حتى نشعر بك ونشعر بتحررنا حتى من انفسنا.

التمرد في هدوء سيناريو اليابسة4


التمرد في هدوء سيناريو اليابسة
قراءة فى ديوان عاطف خيري

الحلقة الرابعة

بقلم /مهندس هوارى حمدان هجو

eng.hawarih@gmail.com

انتهج خيري فى قصيدته الرابعة ( تلوين ) نفس منهجية قصيدة حوار ، فالقصيدة من عنوانها توحى بالرسم ، وهي مهداه الى صديق من اصدقاء خيرى (أ.أ) ، فهى كذلك مشحونة بالمفردات العجيبة ، ولخيرى رمزيه خاصة تختلف عن الجميع ، لكنها ذات مذاق طيب ولذة للباحثين .
ونازل
من نهار سري
مغّبر ثرثرة ، ومهمل ، حليق الكف
بريء الاّ من الخطوه وضحايا الرمل
داكن ملمس الغيبوبه - لكن  - كان قريب جداً
نزف .
إتلفتَ ما لاقيت سوى حزمة حبال صوتية

ناولتو ، رتق جرحو ونهض

ربّت فوق جراحي وقال
مواعيدك
قلت بان القصيدة شبيه بقصيدة "حوار" ، وقلت من قبل ان خيري يُحمّل الكلمة فى شعره اكثر من معنيين ، وقلت فى قصيدة حوار انه قصد بالنهارات شى له علاقة بالامن او الاعتقال او شى يسىء الى سمعة الشخص عندما يصيبه او يصادفه ،كما وضحها هو بالتسوس وصقر المواعين ، ولكنه هنا يقول لنا واصفا حال صديقه بانه نازل من نهار سري ، فى حالة يرثى لها ، اى كانه يريد ان يشعرنا بان صاحبه كان معتقل فى معتقل لا يعرفه احد ،(نهار سري).. او بيت اشباح بعيد عن نظرنا ، وعندما قابله بعد ان تم الافراج عنه ، كانت حالته بانه مصاب بالهلوسه (مغبر ثرثرة) ، وشكله تعتريه كل اوجه الاهمال من اوساخ وتمزيق وعدم اهتمام ، ومجرد من كل شى حتى ادوات التعبير(حليق الكف) ،ولم يكن السبب الا انه سلك نفس طريق الدفاع عن الحرية وانحاز الى صوت الجماهير التى ترشح من مساماتها احداث التغيير (رمل التوقع). ( قلت لكم هنالك علاقة بين القصيدتين-حوار-  تلوين ).. لان عاطف فى القصيدة السابقة (حوار) .. قال :-
والورطنى فى الموت لا اذكر
غير شارع وحمى الكاكاو
ومشيت
وهنا استبدل كلمة مشيت بكلمة ( الخطوه) ، ولهذا قال عن صاحبه ، كان برىء الا من الدرب الذى سلكه .اى ان الانحياز الى هدير الشارع يتسبب فى التورط ضد النظام
وكانت حالة صديقه مغيبة ومكتمة  وفى قمة السرية (داكن)...اى بمعنى ان هنالك حدث او امر جليل اثر عليه بصدمة اكسبته صمت تام ، لكنه كان صديق اليه ، يشاركه نفس الاحساس ، ونفس المخطط ( كان قريب جداً)
نزف ، اى بدا يحكى فى صمت كما قال حميد من قبل فى قصيدة ( الضوء وجهجة التساب ) واصفا حالة المراة التى نزحت من بلدتها نتيجة للفيضان الذى داهمها بقوله
سَرَحت مع الخاطر بعيد ..
عَكْسَ العِرق شِيمةَ التهاويم شالَتَا
دَقَشَتْ طَرَف قوز الرماد إنتَرْ تَعتْ ..
كادَن عيونا يَوِقِّعُوا
رجَفَتْ  ..
صِحَت بي حالَتا
صدَّابَا تيَّار البحرْ .. كان أقوى من بالَه النّزَف
وكان فرحةْ الناس === الأسَفْ
فالنزيف يستخدمه  خيرى كما يستخدمه حميد ، والمقصود به هنا فتح الخيال اى بمعنى ان يسلى الشخص نفسه فى صمت بتفكير داخلى ، وتستحضرنى هنا قصة شاب صديق من قرية "ودكرى" يدعى حسن محمد الشيخ ، كان قادم من الحصاحيصا الى قرية ودكرى التى تبعد عن الحصاحيصا حوال الثلاثون كيلو ، فلم يجد مواصلات نتيجة للخريف ، فاتى ماشيا على رجليه كل هذه المسافة  لوحده فساله اهله كيف استطعت ان تقطع هذه المسافة بدون شخص يسليك بالطريق ، فقال لهم بانه كان فاتح خيال(فى كيف يجهز بيته ويتزوج).. فاذن النزف هو الخيال الداخلي.
وعندما نظر عاطف الى صديقه وهو فى هذه الحاله من الشحوب والتوغل فى السهيان ، لم يجد منه الا الصوت المبحوح ( حزمة حبال صوتية ) بمعنى ان المعتقل قد تسبب فى الحاق اضرار جسيمة به ، مما دفعه الى مساعدته الى تخطى مرحلة الجرح الذى تشكل فيه  ، الرتق بمعنى المعالجة  ولا يحدث الا فى حالة اصابة الجسد بفقدان بعض من اللحم او الكسر فى العظم ، فهو يريد ان يقول لنا بان صاحبه تعرض الى الاعتقال نتيجة لموالاته الى مخططهم ومعاداته للنظام الحاكم ، ولم يخرج من ذلك المعتقل الا وهو مسلوب القوة ومسلوب الاراده ، فاتى اليه من اجل ان يواسيه ولم يتخلى عن منهجه ، بل ربت على كتفه وقال له  مواعيدك، اى الوقت الذى اتفقنا عليه فى قصيدة حوار انا وانت والمحبوب من اجل الخلاص.
مواعيدك
قيامة الطين
ولما النار نزل دستورها في قشه
طلوعك من هزيمة الروح
معافى الحلم ، تتجول شعاع القمره
في إيدك ذبولك في الحديقة الأم
حدايق لى ... وليك
منقوشة فى آخر لهاة الريح
منو الأداك ورق أبيض
وإله أمي
بعد ان وصف خيرى لنا هنا حالة صديقه الى ان اتى صديقه الى تذكيره بالعهد الذى اقسموا عليه لتخليص البلد ، ولم ياتى هذا الشاب الا بعدما تعرض اليه فى المعتقل من تعذيب وتنكيل ولهذا قال له ان مواعيدنا ناضجة ومشتعله واستعاض او عبر عنهما بقوله (قيامة الطين- والنار التى التهمت القشه) ...اكد له الشاعر بانه على العهد وقال له يكفينا بانك قد خرجت من المعتقل (هزيمة الروح) انظر كيف يغير عاطف المفردات ويحملها نفس المعنى) .. ولم تصب بتغير مفاهيمك من اجل التغيير (معافى).. والكثيرون يغيرون افكارهم نتيجة للتعذيب والتنكيل داخل المعتقلات او بيوت الاشباح ، لكنه هنا يحمد الإله بان صاحبه قد خرج  معافى من هذه الازمه ولم تؤثر على منهجة ولم تلين عزيمته وهذا شبيه بقول ست الدار فى رسائل حميد الى  زوجها الزين  عندما اعتقل لمدة اسبوعين
اسبوعين عديتهم جُّوا
يبقوا غصب زادنك قوه

فهذه استراتيجية الفهم السائد عند القابضين على جمر القضية لا تؤثر فيهم المصائب بل تزيدهم حماس على مواصله الكفاح . وبعد خروجه معافى اضاف اليه بانه مازال حر ويستمتع بحريه فكره التى يحملها فى يديه وتنير بصيرته (تتجول شعاع القمره)... ثم خلص الى وصف حالة صديقه مما اعتراها من تعب وجهد وشروخ كالزهرة التى ذبلت رغم انها تنمو فى الحديقة الطبيعة لها (الرحم الطبييعى) .. وهو الوطن ، وكثيرا ما تنتعش زهرات وتستمتع بالرحيق وتزبل اخريات فى وطن واحد (الحديقة الام)..نتيجة لتغير مناخات الحكم .ثم ياتى ليقول له اطمئن يا عزيزي فنحن  قادرون على تنسيق حدائق الوطن فى اخريات الصياح او النضال  بالحريه ،( حدائق لى وليك ).. ما طال اننا نمتلك نيه ثابته ( ورق ابيض) وفكر وشعار من اجل التغيير ( اله امي)....كيف استطاع عاطف ان يسلك ذلك المسلك الابداعى فى ترتيب هذه الاشياء وسط الفوضى ،فان ذلك صراحة لا ينقاد بسهوله الا الى مبدع هباه الله الالهام  والحنكة على صياغة المفردات.
كتبنا على حواف الأرض
نخيّط قرمصيص بكره
كفن بكره مناديل للحبيبه تقيف
محل فسّح خليل فرح الكلام فى الدم
ومن وجعو هى تتمسح تشوف
أشجار بتتحرك ، تشوف حركة شجر فينا
كتبنا على حواف الأرض....
ونسينا خريفنا فى طرف السراويل
يا تُرع الخريف
بريء هذا الولد من نفسو
ومن لغة المقابر
بريء إلا من الخطوة وضحايا الرمل
ثم يواصل خيرى السرد بقوله ان المهاجرين او المنفيين على حدود البلاد (حواف الأرض) كتبوا عن المنهج الذى سوف يطبقونه عندما ياتون الى التغيير ، كما انهم توعدوا بان تكون (فركة) ليله عرسهم كفن لمن عاداهم فى نفس ذلك اليوم وذلك بنسجها او خياطتها ، ثم مناديل حمراء توقف الحبيبه فى مكانها الطبيعى الذى اختاره لها خليل فرح ( عزه فى هواك )...حينما مزج خليل فرح الاناشيد بدماء الاحرار ، ومن خلال هذه الاناشيد الجميله التى توجع وتحرك نجد ان الدوله قد ثارت وتحركت فى شكل تنمية زراعية (اشجار بتتحرك) اما قوله حركة شجر فينا ، اى ننعم بثرواتنا الزارعية . كل ذلك خططنا له ونسينا خيرات بدلنا المخزونه فى باطن الارض (طرف السراويل)..ثم ياتى مرة اخرى الى صاحبه ويقول للبلد لم يرتكب هذا الشاب اى جرم الا انه سلك درب الحريه وهو  يتحدث  عن الموت والغيبوبة كحالتين ملازمتين للبلد.
مشاويرنا الخصوصية
ننقيها من الشوارع شان نفلِّى الروح من العاده
ملل زى اللغم مدسوس
بين الفكرة والمحسوس ، مسيخ
طعم الرحيق ، لون الفراشة البين حبيبتك والورق
وطشينا.
ومن ثم يمكننا ان نسلك مسارات خاصة بالتنمية الثقافية (مشاوير خصوصية) ..ويمكننا ان نختارها من المبدعين السودانيين الذين يقذهم الشارع السودانى يومياً ، بهدف الترفيه والخروج من الروتين المعتاد ،لكنه يا صديقى يصيبنى او اشعر الآن برتابه غير عاديه او ملل كما قال ما بين ما نفكر فيه وما بين الواقع ( والفرق شاسع بين الحلم والحقيقه)،واشعر بان رحيق زهرتنا التى لم تثمر حتى الآن بلا رائحة (مسيخ ) ، وكذلك شكل الفكرة التى نكتبها على الورق هنا  التى نرجو ان تنفذ على واقع الوطن ، وكل هذه الاشياء وهى لم تنفذ صارت بلا لون وبلا هويه ولذلك خرجنا من الوطن من اجل التغيير ( طشينا ).
لولا جرح فى ضُفر السماء
من مريم العذراء مسك فينا الخميرة جسد
وبت نتّفت ريش الحمام منك
وطارت
لقيِتك في الزمان الحى
ملونه بىَّ ، ضاريت فى الخيال منك
حديقه وشوق
مسكتي الورده من إيدها البتوجعني
نفضتي الرزاز من بالي
عاقبتي المطر
ولولا نافذه تمتد الى شرايين عماد الوطن( الضفر لا يخرج من اللحم)  الذى وصفه هنا بمريم العذراء التى ولدتنا بلا اب (كحكمة اله اراد بها اشياءه الخاصه ) وهذه النافذة الجرح ادت الى تماسكنا كما تتماسك ذرات الدقيق نتيجة  لاضافة الخميرة ، ولولها لم تكن هنالك وحدة ولا تفكير فى رجوع.وثورة استطاعت ان تمنع الكل من الابداع ومنعت الابداع نفسه من التحليق بحريه فرمز لها بالبت (نتفت ريش الحمام منك) فيك يا وطن...ثم ذهبت هى فى نفسها تلك الثورة اى ضاعت ملامح مباديها التى اتت فى السنوات الاولى من اجلها..ثم يقول للوطن الحبيبة ثم قابلتك فى زمن الاحداث تحملين نفس فكرى او منهجي (ملونه بي).. ولكن لم يكن ذلك تصورى لكنه شبه اقتنع به لهذا اخفى عنها التصور الخاص به لها كدوله ،( ضاريت فى الخيال منك)..والوردة هنا يقصد بها الديمقراطية والحرية فهو يقول ان البلد رجعت الى نفس لونيته التى كان يتمناها لكنه وجدها بشكل مخالف مما اداه الى اخفاء تصوره حتى لا يجرح مشاعرها ، لكنها سلكت الديمقراطية عبر الطريق الخاطى (اليد البتوجعنى) .. وكانت الديمقراطية خاليه من الرخاء(الرزاز) وحتى ان كثير من الخيريين عوقبوا فيها ( عاقبتى المطر)..
صلاة الموج عليك بت أحزانها قطنيه
دنقرت في البير تشوف صورة السماء
اتمشطت حبل الدلو البسقيك

عطش ، والمويه في البال

 والموج يقصد به هنا ابناء الشارع او الثوريين ، فيقول لم تكن مجاهدات الثورين اليك يا وطن الا كما يكتسى الحزن النبيل(احزانها قطنيه) خيال بت على فقد حبيب تركها وذهب الى اخرى ولا تريد ان تعاديه ، وهذه البنت نفسها نظرت برؤية معكوسة من اجل ان تتطلع الى الافق  ،بمعنى ان التفكير فى النجاة لم يكن الا بصورة انعكاسية ، وهذه البنت اخذت حبل النجاة المربوط على طرفه الاخر ماعون الطعام والرخاء ولم تكن الماء هنا الا تنمية شامله  وري لكل عطش فى بلادنا ، عطش الى التنمية عطش الى الثقافة عطش الى حرية التعبير  ، وهذا يطابق قول الله تعالى ( وجعلنا من الماء كل شى حى) فهو استفاد من هذه الايه وانفرد بمعانيها لياخذ الماء هنا كافضل اداء لمعطيات التنمية.
نعلّي غُنانا الأشتر المطرب
رصيف شفاف ، وبيت تأويل
سُكني علي شلوخ أمك ، مواعيد
لي بكاها المُّر
وآه من المآتم في الجسد
وآذان المغارب
ومن شبابيك الحبيبه علي.
والقصيده
يا نعش الرهيف فينا
ويا عورة طيور الجنه في وحل
الدروب للبيت
زي المرايه الأنثي باعت
صورتى للضو وإنكسر
ومن بعد التنمية التى ذكرناها فى المقطع  السابق فانه يقول لنا هنا يحدث الاستقرار مما يودينا الى رفع اصواتنا بالاغاني  المطربة  والتى تتحول بدورها الى حديث ذو شجون وخالى من الثورية اى غزل (رصيف شفاف) ونغلى بعدها للتراث والعادات والتقاليد ، بمعنى نغنى لاصالتنا التى مثلها هنا بالشلوخ ،كما قال القدال من قبل (الشلوخهم هويه)..
ثم يسرد عدة متواليات مؤلمة فيقول لنا بان هذه الاشياء مجتمعة تشابه تكشف عورة طيور الجنة وهى طيور صغيرة تتوحل فى المطر فى عودتها الى منزلها مما يجعلها تتكشف ، وهذا يشبه المراءة التى تعكس الاحداث حينما وتظهر صورة البشر فيها باحوالهم المختلفة وتمر الاحداث فى مسراها الطبيعى وهى الانكسار.
فى عرض الطريق نجمه
علي طول الوريد تُهمه
وفي غرف القلب اظلام
منو الأداك ورق أبيض وإله أمي
ومسافة تشتهي الموت
والطيور يوم غرّبلت وجع القري
المطفيه فيك
دخلت معاك دين الشجر
رغم ما نراه فى الافق من حرية تلوح لنا لكن تقابلها تهم كثيرة تسير مع دماءنا التى تغلى ،وقلوبنا كلها مغطاء بالظلمة مما اعتراها من ظلم وغير ، ثم يتسال من الذى اعطاك معطيات او نوايا لثورة تغير وشعار لها وهذه لا تتنفذ الا بعد زمن طويل(مسافة تشتهي الموت)..والمهاجرين منك يا وطن حينما اختاروا الوجع ونقوه من الشوائب ،من تلك المدن التى انطفأت لانها لم تتعانق مع احداثيات الوضع الراهن وكما نرى كثير من المدن التى يتفاعل اهلها مع اى ثورة تسيطر على البلد لا تتطور ، وخير دليل على ذلك مدن كثيرة لم يحدث فيها اى تغير حتى الآن لانها وصفت بالشيوعية بل تدهورت خدماتها ،ولهذا اختارت هذه الطيور هذا الوجع واعتنقت مذهب الحرية ( دين الشجر).
لما البلاد
ما فرّخت غير الكلام
العادي ،سدّت بالرصاص مسري اليمام
جواك
والرمال مدت أصابع
شمطاء،تمسح دلتا
من ساق الحبيبه
وتوجعك
وكل هذه الاحداث لم تحدث اى عندما لم تنجب البلاد الا شعارت عادية لا تسمن ولا تغنى من جوع ، واغلقت جميع مسارات الحرية بسلاحها حتى انها اغلقتها فى نفسك وهذا الاهم على ما اعتقد (سدت نفسك) ، ثم اتى الزحف الصحراوى والجفاف غطى على المساحات الخصبة من الوطن وهذا ما يؤلمك اكثر.
كتبنا علي حواف الارض

نعبّد مسري النبي الفوقاني بالكلمة

وتسلم سيئات الطين
غيبوبتي
ومرض أنثي النحل في الدم
مراوح شهوه
للموت الّملون.
وحينما حدثت كل هذه الاحداث وفشلنا ولكن لم يفشل الامل فى داخلنا هاجرنا من ذلك الوطن وكتبنا على كل دولة نسكنها نحن المهاجرين ،نؤسس طريق الانسان الطيب بالكلمة وهى الحرية هنا ،ونتحاشى اخطاء البشر (الطين) فى ظل اللاوعى ،ولم تكن الملاريا التى تداعب جسدنا الا تسلية وعلة من العلل التى تجعل للموت طعم مختلف..وهذه اغرب الابيات التى دمجها عاطف فى نهاية القصيدة ولا ادرى ماذا يريد ان يقول لنا ، ربما يريد ان يقول ان هاجس التغير ماهو الا هلوسة شبيهة بهلوسة الملاريا التى تؤدى الى موت الفكرة.